- [center]أمراض الدم:
ابيضاض الدم leukemia باختلاف أنواعه الحادة والمزمنة ، وفقر الدم بأنواعه المختلفة ( فقر الدم المنجلي Sickle cell anemia ، فقر الدم الفرانكفوني ، فقر الدم الغير مستجيب للعلاج ، الخ ... ) .
أمراض النخاع الشوكي . أنواع متعددة من السرطان ( سرطان الثدي ، سرطان الدم ، سرطان الكلى ، الخ ... ) . أمراض جهاز المناعة ( نقص خلايا T ، نقص خلايا B ، إعادة تشكيل الجهاز المناعي للرضع المولودين ولديهم عوز مناعي مشترك sever combined immunodeficiency ، الخ ... ) . متلازمة هرلر Hurler's syndrome ، التي تسبب تنكسا عصبيا مستفحلا يؤدي في النهاية إلى الوفاة . وفي هذه الحال يستفاد من الخلايا الجذعية ليس فقد لتكوين خلايا الدم الحمراء والبيضاء ، بل أيضا في تكوين خلايا داعمة للدماغ . وهناك آمال كبيرة من العلماء على هذا النوع من العلاج لتحقيق فتحا مهما في مجال الطب والعلاج الحديث .
بعد التعرف على المميزات الواضحة لاغتراس دم الحبل السري ، قامت عدة مراكز طبية ومستشفيات وبعض الجامعات بتأسيس بنوك لحفظ دم الحبل السري ، تمكن الأم الراغبة في منح دم الحبل السري الخاص بوليدها ليستعمل من قبل الغرباء المحتاجين إليه . وقد أنشأت الكثير من هذه البنوك وانتشرت في أنحاء مختلفة من العالم ، منها الولايات المتحدة الأمريكية و ألمانيا وإيطاليا وتايوان وسنغافورة وبريطانيا واستراليا .
تاريخ تطور نقل دم الحبل السري :
ظهر أول دليل على إمكان الاستفادة الطبية من دم الحبل السري عام 1972 ، و تم ذلك عن طريق إعطاء مصاب بابيضاض الدم عمره 16 سنة دم الحبل السري بالتسريب الوريدي infusion . وبعد مرور أسبوع واحد وجد أن دم المريض يحتوي على خلايا حمر منشؤها الخلايا الجذعية للمانح . في عام 1980 بدأ التفكير والمقارنة بين خلايا الحبل السري ونقي العظم المنقول ، ولم يتم التأكد من ذلك إلا في عام 1989 عبر التوضيح أن دم الحبل السري يحتوي على نفس كمية الخلايا الجذعية الموجودة في نقي العظم . وفي العام نفسه تمت أول عملية نقل خلايا جذعية من حبل سري إلى طفل مصاب بمرض وراثي ( الأنيميا الفانكوني Fanconi anima ) عن طريق استعمال دم الحبل السري لأخته الوليدة . في عام 1991 تمت أول عملية لنقل دم الحبل السري لطفل مصاب بابيضاض الدم المزمن ( اللوكيميا ) . وكلا العمليتين نجحتا ، وأدت إلى ولادة آفاق جديدة في عملية نقل دم الحبل السري واستبداله بعملية نقل نقي العظم . عام 1997 توصل العلماء إلى دليل أن اغتراس دم الحبل السري – حتى بين مانح ومتلق غير قريبين – هو أكثر أمانا من اغتراس نقي العظم .
أهداف اغتراس دم الحبل السري :يهدف اغتراس دم الحبل السري إلى الحصول على مصدر للخلايا الجذعية الأكثر تطابقا مع النوع النسيجي لمريض معين . وهناك ست جينات رئيسية Human Leukocyte Antigens أو HLA ( وهي توجد على سطوح جميع خلايا الجسم ، ومن خلالها يتعرف جهاز المناعة على الخلايا ويتعامل معها على أساس كونها خلايا طبيعية ، أي تنتمي للذات ( self ) وما عدا ذلك يقوم بقتلها باعتبارها لا تنتمي للذات non-self . ومن هذه الجينات الست يمتلك كل شخص نسختين ( أو اليلين alleles ) لكل جينة من الجينات الست ، كل نسخة منهما تعود لأحد الأبوين ، ( يوجد من كل اليل أكثر من 30 نوعا مختلفا ) . ومن أجل اغتراس نقي العظم يهدف الأطباء إلى مطابقة الاليلات الستة ( من أصل 12 ) الأكثر ملائمة للاغتراس من الناحية السريرية . ولكن بسبب الاختلاف المناعي لخلايا دم الحبل السري عن خلايا نقي العظم ، يستطيع الأطباء استعمال عينات من دم الحبل السري تطابق خمسة فقط – أو حتى ثلاثة – من اليلات HLA . تتوضع النسخ الجينية المسؤولة عن صناعة بروتينات HLA على الصبغي رقم 6 . وبحسب قواعد علم الوراثة يكون احتمال أن يرث أخوان الصبغي رقم 6 نفسه من الأب والأم ، ومن ثم أن يكونا متطابقين نسيجيا بشكل جيد ، هو 25 % فقط .إن الاختلافات في الجهاز المناعي للوليد يؤدي إلى تقليل احتمال قيام الخلايا المناعية في الحبل السري لديه بمهاجمة نسج المتلقي ( على أنها غريبة ) ، وبذلك تكون الخلايا المناعية في دم الحبل السري اقل إحداثا للضرر من ضرر خلايا نقي العظم . حيث أن تلقي غرسة من نقي عظم شخص لا يطابق النوع النسيجي للمريض بشكل جيد يمكن أن يكون مميتا ، في حالة إذا نجت كمية ولو قليلة جدا من الخلايا المناعية مؤدية إلى حصول داء الطعم حيال العائل Graft-versus-host disease أو GVHD ( وهي ظاهرة تتسم بمهاجمة الخلايا المغترسة ) ، وتقوم هذه الخلايا بمهاجمة جسم المتلقي على انه غريب . وتؤدي هذه الظاهرة إلى الإصابة بطفح جلدي مصحوب بقروح ، إضافة إلى أذية كبدية ، يمكن أن تتطور إلى فشل كبدي أو نزيف شديد بالجهاز العصبي ، وقد يؤدي هذا المرض سريعا إلى الوفاة .يعتقد العلماء بأن مستقبل العلاج سيكون معتمدا على نقل دم الحبل السري . وسيوظف هذا التطور في تقوية جهاز المناعة لعلاج أمراضكالإيدز و السرطان . وتتميز هذه الطريقة بوجود الكثير من الفوائد التي تميزها عن عملية اغتراس خلايا من نقي العظم ، والتي تبشر بأفاق جديدة لتطور الطب الحديث وتفتح أبوابا في العلاج :
وجود عدد غير محدد من المتبرعين ( حيث أن أغلب الأطفال الأصحاء جنينيا وجسديا بإمكان أهاليهم التبرع بهذا الدم ) . وجود استجابة أكبر للخلايا المنقولة من الحبل السري منه للخلايا المنقولة من نقي العظم . يمكن خزنه للاستعمال الشخصي ( للطفل المولود نفسه ) أو يمكن التبرع به للآخرين . انخفاض الإصابة بالمرض القاتل GVHD . انخفاض التكاليف المادية . قلة الآثار الجانبية . سهولة الحصول عليه من دون خطر أو ألم على الأم أو الطفل .
ولكن مع وجود هذه الفوائد فهناك بعض المخاطر أو السلبيات في غرس دم الحبل السري ، ومن هذه السلبيات :
احتمال وجود أخطاء وراثية ( جينية ) في الخلايا الجذعية في عينة دم الحبل السري ، مما يمكن أن يسبب مرضا عند المتلقي وهذه الحالات – التي تشمل فقر الدم الخلقي أو نقص المناعة – قد لا تظهر عند المانح إلا بعد عدة شهور أو سنوات . يكون دم حبله السري قد نقل خلالها إلى أشخاص آخرين ، ويمكن لبنوك دم الحبل السري أن تتجنب هذا الخطر بدرجة كبيرة عن طريق إجراء ما يشبه الحجر الصحي للدم مدة تتفاوت بين 6 و 12 شهرا تتصل خلالها بعائلة المانح للتأكد من تمتعه بصحة جيدة . وهناك سلبية أخرى لدم الحبل السري تتمثل في احتواء العينة الواحدة منه على عدد قليل نسبيا من الخلايا الجذعية . فمع أن دم الحبل السري يمكن أن يستعمل للاغتراس لدى البالغين ، توضح الدراسات انه بسبب العدد المحدود للخلايا الجذعية في عينة دم الحبل السري ، يستفيد المرضى الأضخم حجما ( الأكبر عمرا ) بشكل أقل من المرضى الأصغر حجما ( الأحدث عمرا ) . ويعمل الباحثون الآن على استحداث عدة طرق من أجل زيادة عدد الخلايا الجذعية في عينات دم الحبل السري عن طريق استعمال المغذيات nutrients وعوامل النمو growth factor . وكذلك يقومون بهندسة الخلايا الجذعية جنينا من أجل إصلاح الاضطرابات الوراثية كالعوز المناعي المشترك severe combined immunodeficiency ففي هذه الحالة ، يجمع الأطباء دم الحبل السري الخاص بالمريض ، ثم يقحمون جينات سوية في الخلايا الجذعية لدم الحبل السري ، ثم يعيدون حقن الخلايا في جسم الطفل .
يبشر كل ذلك باستعمالات اكثر إثارة لدم الحبل السري . فإذا احتفظ بهذا الدم الخاص بمولود به خلل وراثي في نقي عظامه أو في دمه . يمكن عن طريق الهندسة الجينية إصلاح الخلل في دمه الذي تم جمعه ، ومن ثم يحقن الطفل به . وبذلك لن يعاني هذا الطفل أبدا من التأثيرات السلبية لمورث الجيني . وبخلاف ذلك ، يمكن أن يعالج مثل هذا الطفل بحقن خلايا جذعية من عينة دم حبل سري – كامل التطابق – لمانح من غير الأقرباء عن طريق بنك الدم
ما هو دور بنك الحبل السري : الجمع :
بعد أن يخرج الوليد إلى الحياة ، لا يبقى على الأم إلا دفعة أخرى بعد عناء المخاض ، ليستطيع الطبيب إخراج الحبل السري umbilical cord " الذي كان يمد الطفل بالغذاء خلال فترة الحمل طوال الأشهر التسعة " . وبعد ذلك يقوم الطبيب بقطع الحبل السري . يقوم أولا بأخذ الحبل السري المقطوع ( 4- 8 إنشات ) ، ومن ثم تنظيفه بمحلول مطهر . تغرس بعد ذلك إبرة تنتهي بكيس بلاستيكي ( مثل الكيس الذي يتبرع فيه بالدم ) ، لجمع الدم من الحبل السري المقطوع ، وتترك لتملئ الكيس البلاستيكي عن طريق الجاذبية حتى يتوقف انتقال الدم . بعد ذلك تثبت المعلومات المطلوبة على الكيس ، بعد أن يتم إغلاقه بأحكام . وتضع معظم بنوك دم الحبل السري بطاقة تعريفية لكل عينة ، وبذلك تستطع تأمين صلة بالمانح تمتد لعدة سنوات . تتم هذه العملية خلال 2- 4 دقيقة . كذلك تسحب أنبوبتين من دم الأم .
[center] مشيمة وحبل سري جاهزان لجمع الدم منهماإحدى المختصات تجري عملية سحب لدم الحبل السري الخزن :
بعد أن تمت عملية نقل الدم إلى بنك دم الحبل السري ، تجرى الفحوصات اللازمة عليه للتأكد من خلوه من الفيروسات والاعتلالات الجينية . يتم كذلك التأكد من صحة المولود للتأكد من خلوه من الأمراض الجينية والجرثومية . كما يتم التأكد من التنميط النسيجي tissue typing ، وتستغرق عملية مطابقة دم الحبل السري ثلاثة إلى أربعة أيام فقط . يتم بعد ذلك حفظ الدم في ثلاجات خاصة في ظروف ودرجات حرارة خاصة ( قد تصل إلى 196 درجة مئوية تحت لصفر ، وفي النتروجين السائل ) ، وتتم عملية التجميد هذه خلال 24 ساعة فقط من أخذ الدم .
صورتان توضحان عملية حفظ الأكياس البلاستيكية التي تحتوي على دم الحبل السري . وتوضح الصورتان الثلاجة المستخدمة في التجميد ويظهر ذلك درجات الحرارة المنخفضةبعد أن يتم خزنه والتأكد من صحة المولود ، والتأكد من أن الدم صالح صحيا ، وان هناك إمكانية لاستعماله ، يتم استخدامه في حالة طلبة من قبل شخص محتاج إليه حيث يخرج الدم من الثلاجات ويعامل معاملة خاصة ، لاستخراج المادة المطلوبة للقيام بعملية زراعتها في جسم المريض ، وربما تجرى عليه عمليات خاصة لتكثير وتنمية الخلايا الجذعية ( لكون هذه لخلايا محدودة العدد في دم الحبل السري ) .أما عن آلية عمل هذه البنوك ، فهناك بنوك تقوم بشراء هذا الدم للاستفادة منه في بيعه إلى أشخاص هم بحاجة إليه ، أو إجراء التجارب العلمية عليه . أما النوع الثاني فيقوم بأخذ مبلغ معين من الوالدين الذين يودون جمع هذا الدم ، والاستفادة منه مستقبلا في علاج وليدهم لو أصيب بأمراض في المستقبل . ويمكن حفظ هذا الدم اكثر من 20 سنة ( حيث أثبتت هذه الخلايا قدرتها على مقاومة ظروف التجميد لسنين طويلة ) . ويقدر أن حاجة الوليد إلى خلايا جذعية من حبله السري مستقبلا يتفاوت من 1/10000 إلى 1/200000 . وهذا مما يفتح المجال في التبرع بهذا الدم إلى مرضى آخرين بحاجة ماسة إلى هذا الدم لعلاجهم .
صورة توضح عينة من دم الحبل السري المجمدمحفوظة في أحد بنوك دم الحبل السري استعمالات أخرى لدم الحبل السري :
نجح العلماء في استخدام الخلايا الجذعية في دم الحبل السري بتحويلها إلى خلايا مخ لدى الفئران . وهذا الإنجاز يبشر بفتح آفاق جديدة لاستخدامات أخرى لدم الحبل السري . حيث قام العلماء باستخلاص الخلايا المولدة من دماء الحبل السري . وإضافة حامض الريتينوك Retinoic acid وهرمون النمو لتحويلها إلى خلايا عصبية غير ناضجة . ثم حقنها في أوردة الفئران التي تعاني من جلطات دماغية . ونجحت هذه الطريقة في علاج الحيوانات بطريقة مذهلة . وتم الحصول على أفضل النتائج في حالة استخدام هذه الطريقة خلال اليوم الأول من حدوث الجلطة . وقد تمكنت الفئران التي حقنت من الحركة بصورة افضل ، وبعد شهر لوحظ تحسن بمعدل 80% . ولوحظ أن الخلايا التي حقنت حلت محل الخلايا المدمرة ، ليس هذا فقط بل عززت في ما يبدو من عملية علاج التلف في الدماغ . كما يقوم العلماء على استثمار هذه الخلايا الجذعية في عمليات إنتاج خلايا الكبد والعظام والغضاريف وعضلات القلب . كما تم الاستفادة من الخلايا الجذعية الموجودة في الحبل السري في علاج طفلة كانت تعاني من ورم أرومة العصبي Neuroblastoma.
وقد أثبت دم الحبل السري نجاحه ، وقد يغني في المستقبل عن المصادر الأخرى للخلايا الجذعية ليحل دم الحبل السري محلها ، لكونه لا يشكل خطرا على الأم أو الطفل ، ويختلف مناعيا ، وسهولة الحصول عليه ، بالإضافة إلى سهولة التعامل معه وتكثيره و وإمكانية حفظه لفترات طويلة ، وقلة الأخطار من استعماله ، وقلة القيود الأخلاقية على استخدام هذا النوع من الخلايا .
|