في الخطوبة يتكلم الشاب وتصغي الفتاة، وتحكي العروس، وتستفيض، ويصغي العريس، وبعد سنوات قليلة يتكلم الزوجان، ويصغي الجيران، وتكثر الأقاويل مثل: «إن الزواج أوله عسل، ووسطه ملل، وأخره بصل». وكأن المرور بمرحلة البرود العاطفي، وتعاطي الرتابة والملل أمر لابد منه. لكن التجديد -وبطبيعة الحال- هو الحل، وعن طرقه لإنعاش الحياة الزوجية، وبث روح الحب والألفة فيها من جديد حصلت «سيدتي» على دراسة تكشف أسباب الملل ومساحته، ومتى يظهر؟ وسبل تلافيه، وكيف يكون التجديد؟
في سياق هذه القضية كان للدكتورة «فاطمة الشناوي» خبيرة العلاقات الزوجية والأسرية بمركز شعلان الطبي دراسة شيقة، ضمت عينة بحثها 150 زوجة وزوجًا مضى على زواجهما أكثر من 5 أعوام، وكان السؤال عن اختلاف مشاعرهم في بداية الزواج وبعده، وقدر مساحة الرتابة التي يشعرون بها؟ وماذا عن رغبتهم في التجديد.. وكيف يكون؟ والمفاجأة كانت في طرافة المُحصلة.بداية الدراسة تقول: «في ضوء زحام روتين أيام العمل، وتجربة الحياة نفسها، وبعد سنوات قليلة من الزواج يفقد الزوجان حماسهما، ويتسرب الملل والخوف من المستقبل إلى حياتهما، ومن ثم تأتي الحاجة ملحة للتجديد».
وفي فقرة ثانية تقول: «اليوم لم تعد تجدي نفعًا تلك الخطط الرومانسية التي كانت تقوم بها الزوجة كمحاولة للتجديد وبث روح الحب واللهفة مرة ثانية، عكس ما كان بالأمس، حيث كانت كلمات الحب وهمساته تغزو حياتهما، وتتناثر أحلامهما الوردية هنا وهناك».
صناعة مشتركة
وحسب ما ذكرته الدراسة فإن الإحساس بالملل والحاجة للتجديد قد احتلا نسبة 65 % بين الأزواج، ومن ضمن الأسباب:
1 - تكوين المرأة العاطفي الحساس، الذي يدفعها إلى عدم تقبل الرجل، أو التعامل معه بحب إذا لم تكن مهيأة نفسيًا وجسديًا له.
2 - مرور الزوجة بحالة نفسية كمرض القلق النفسي، أو الاكتئاب، وأحيانًا يحدث الفتور والملل نتيجة لبعض التغيرات الفسيولوجية، والهرمونية لها بعد الولادة، وأثناء فترة الرضاعة، وعند انشغالها بوليدها في مرحلته الأولى.
3 - الملل الذي يأتي في صورة إجهاد جسماني، أو إصابة بعلة بدنية تمنعها من الاستمتاع بحياتها، فينقلب كل هذا إلى حياة رتيبة، ويبقى القول إن التجديد صناعة مشتركة يقوم بها الزوجان معًا.
ثقافة الاستمتاع بالحياة
لأن التجديد يحمل الأزواج ويطير بهم إلى سماوات الحب ووالصفاء والود والعشرة الطيبة، فإن الدكتورة «فاطمة الشناوي» أشارت في دراستها إلى طرق تكون بمثابة الأجنحة التي تساعد في عملية التجديد والإبدال، أولها الهوايات المشتركة، فهي تنصح الزوجين بالقيام برحلات جماعية لأماكن جديدة، والتخطيط للإجازة عند نهاية الأسبوع، تعلّق: «معها لا ننسى محاولات التقارب اليومي، وتدعيم الصلة بالأصدقاء، ومهم جدًا القيام بتبادل واجب المجاملات بين الأهل والأحباب».
وتواصل الدراسة ذكر طرق التجديد حيث ترى: لابد من تذكر أعياد الميلاد ويوم الزواج، وإدخال بند زيارات الأهل والسؤال عنهم، وممارسة رياضة والمشي أضعف الإيمان، وكل الخوف أن يمتلك الإنسان المال دون ثقافة الاستمتاع بالحياة.
مرحلة لا فكاك منها
في أحد فصول الدراسة نصحت الدكتورة فاطمة الشناوي الزوجين بـ:
- الاعتراف بأن فترة الملل التي يعيشانها ما هي إلا مرحلة انتقال عابرة تمر بها كل الزيجات بلا استثناء، ويقصد بها الانتقال من وهج العاطفة المحرقة التي تسود الأسابيع أو الأشهر الأولى من الزواج إلى دنيا الواقع، والحياة العملية، والعاطفة الدافئة الدائمة، التي يزينها العقل والإدراكالحق، والألفة المتنامية كل يوم بعيدًا عن الاندفاع المحموم.
- الاعتراف بأن الزواج والحياة شيء واحد لايعيشان بمنأى عن بعضهما البعض، وكل عامل يؤثر على حياة الفرد بدءًا من أحوال الطقس، وانتهاء بالظروف الاقتصادية، إضافة إلى قوة الأثر الذي تحدثه هموم الحياة على العلاقة الخاصة بين الزوجين.
9 خطوات للانطلاق
رصدت الدكتورة فاطمة الشناوي مجموعة من الإرشادات على كل زوجة أن تحاول التمسك بها:
تحلي بالمرح واملئي وجهك بالبشر والابتسام عند رؤية كل منكما للآخر.
نوّعي في التعبير عن أحاسيس حبك ومشاعرك، فهناك لغة العيون، واللمسة الحنون، وتعانق الأصابع والكفين، ونبرات الصوت الهادئة الناعمة، وتعبيرات الوجه. «وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عيني في لغة الهوى عينيك».
يقولون: إن الزواج أوله تدليل وآخره تذليل! فعاملي زوجك كطفل؛ دلليه، واحترميه كأب، وأحبيه كعشيق، وصادقيه كصديق.. تذللي عقبات كثيرة.
ضمي زوجك إلى صدرك، فيثار هرمون الحضن الذي يحفزه اللمس، ويسمى «الأوكسيتوسن».
اهتمي بنظافتك، وملبسك، ورائحتك داخل البيت مثلما تفعلين وأنت ذاهبة لمكان آخر.
أعيدي الكلام عن أيام حبكما الأولى، ماكان يقوله، وما كنت ترينه منه، ماذا عن أحلامكما وما تحقق منها، تصفحا ألبوم الصور، وتذكري هدايا الحب إن وُجدت.امتدحي أبسط سلوك إيجابي يقوم به زوجك نحوك أو نحو بيتكما والأسرة، فهذا يشجعه على المزيد، ويدخل إلى قلبه الإحساس بالمسؤولية الجميلة تجاهك، بعد أن تمكن من إدخال الفرحة إلى قلبك.
احذري الصوت العالي، والألفاظ الجارحة، ولا تتمادي في السخرية والشكوى الدائمة خلال حديثك مع زوجك.
جددي في ملابسك، وقصة شعرك، ولون فساتينك. سافري ولو إلى داخل البلد، اتصلي بزوجك واخبريه بأنك مازلت تحبينه وتفتقدينه.