اللغة العربية والكواكب- ملاحظات
في مقالي السابق تعرضنا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم , عن أسماء كواكب السماء .. حيث حاول أحد اليهود تعجيزه , فسأله عنها وهو يعتقد أن أحدا غيره لا يعلمها , ولما أجابه الرسول بها .. عرف أن محمد بن عبد الله هو رسول من عند الله , لعلمه بهذا الشيء الخفي , ألا وهو أسماء كواكب السماء الإحدى عشر .. والتي يعلم اليهودي نفسه أنه لا يدرى بها أحد من العرب المتعلمين وقتها , ناهيك عن محمد الرسول الأمي ..
وما يهمنا هنا هو الأسماء نفسها التي سمي الله بها هذه الكواكب , وأخبرنا عنها رسوله .. أتذكرون ما هي :
} ... فقال الرسول : " هي جريان والطارق والذيال وذو الكتفان وقابس ووثاب وعمودان والفيلق والمصبح والضروح وذو الفرع , والضياء والنور " .. فقال اليهودي : " أي والله إنها لأسماؤها " . {
والضياء كناية عن الشمس لأنها تضيء من نفسها .. والنور كناية عن القمر لأنه لا يضيء بل يعكس ضوء الشمس فينير .
إنها أسماء عربية صرفة .. والعربي وقتها كان يعلم خمسة كواكب فقط , فكيف الأسماء الباقية عربية , في حين أن العرب لم تكن تدرى بوجودها أصلا كي تسميها .. !!
فالعرب كانت تسمى الأشياء الجديدة حسب ما تعرفه أصلا من أشياء مسماه .. وكما قلنا في نفس المقال السابق عن الطارق والتي كانت تعنى الدق والضرب , فالعربي أسمى من يدق بابه ليلا " طارق " .. وبعد ذلك توسع المعنى ليصبح الطارق هو كل من يأتي ليلا , وهكذا تحول الفعل الذي يدل على الدق , لفعل يدل على معنى آخر أيضا وهو المجيء ليلا !
وبهذا يمكن أن نعرف لماذا " ذو الكتفان " يحمل هذا الاسم .. فيمكن أن العربي في البادية رأى الكوكب في السماء على هذا الشكل فأسماه هكذا , والراجح عندي أنه زحل ذو الحلقات المضيئة .. فبدت الحلقات على الجانبين امتدادين للكوكب نفسه ... أي كتفان . !!
ونفس الشيء مع المصبح وذو الفرع وهكذا .. إذن كيف لهذه الكواكب أسماء عربية مع أن العرب لم تعرفها .!
لقد أسماها الله هكذا .. وبهذا نفتح موضوعا شائكا ألا وهو : هل اللغة العربية " مجرد لغة " .. أم أن لها فضل على اللغات الأخرى .
العربية هي أصل اللغات على الأرض , وهى التي عرفها آدم عليه السلام .. تعلم بها الأسماء , فلقد أخبرنا الله أن آدم تعلم الأسماء كلها , وعلماء الإسلام القدامى قالوا أن آدم كان يتكلم العربية , وظلت تتطور إلى أن كان أول من تكلم العربية الفصحى هو إسماعيل عليه السلام .
هذا هو رأى الإسلام , وللأسف حاولت قوى غامضة أن تبعد الناس عن البحث في هذا الأمر حتى لا يثبت للعالم أن العربية هي اللغة الأولى , ومنها تفرعت باقي اللغات .
ولكن القيود في الغرب ليست في قوتها عندنا على الفكر .. فقام العديد من علماء اللغة في الغرب بالبحث في أصل اللغات وكان آخر ما وصلوا إليه هو أن أول لغة تكلمها الإنسان هي " من أصل سام " !! .. ولكن قامت عليهم ضغوط كثيرة , فتوقف الأمر عند هذا .
بل أن نفس القوى الغامضة _ ولا اعتقد أنها غامضة عليك عزيزي القارئ !_ استفادت من الأمر , وهذا من طبع اليهود دائما , فإذا بهم يؤجرون الأقلام في الغرب لتوهم العامة أنه بالفعل , اللغة أصلها من جنس سام " أي من أولاد سام بن نوح " .. والساميون أصلا يشملون العرب والعبرانيين .. ولكن العرب متخلفون , إذن اليهود الساميون هم من أهدى اللغة للعالم كله .. !!!
ونحن نيام .. لا ندافع عن حقوقنا , ولا نرد .. حتى الشجب الذي اشتهرنا به لم نقله .
ولكن الله سخر لنا من العلماء النصارى في الغرب , من يدافع عن قضيتنا .. محاولين إثبات أن العربية هي بالتأكيد أصل اللغات , وأن اليهود تكلموا اللغة العبرية في وقت متأخر من الزمان .. بل أن الحقيقة أن العبرية هي في الأصل مقلوب للغة العربية !!
ومن يعلم ولو القليل عن العبرية , لعرف أن معظم أفعالها هي قلب لحروف عربية .. وليت أحد المتخصصين من كليات الآداب أو الألسن يساعدنا في شرح وتوضيح الأمر .. بل أنه _ ويا للعجب _ كلمة عبري نفسها , من مقاليب كلمة عربي .. !!
ولو قلنا أن أول من تكلم العبرية هو يعقوب عليه السلام و المسمى أيضا إسرائيل , فماذا كان يتكلم الناس منذ آدم إلى نوح ( ألف عام ) , وطوال عهد نوح ( حوالي ألف عام أخرى ) , ثم إلى إبراهيم عليه السلام وولديه إسماعيل واسحق ؟!
إنها العربية ... ألم يتساءل أحدهم لماذا أنزل الله آخر كتبه ( القرآن ) , على العرب .. بلسان عربي مبين .
أخي المسلم .. اعلم وأنت تدعو الله بدعاء علمك إياه النبي صلى الله عليه وسلم , بلغة عربية فصيحة .. أنك لا تتكلم " مجرد لغة " ..
بل تتكلم اللغة ..
وما أكبر الفرق بين الكلمتين